شرح وتفسير | الآية 128 | سورة التوبة:لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين

تفاصيل  عن سورة التوبه:

سورة التوبة هي السورة التاسعة في ترتيب المصحف الشريف، وهي من السور المدنية التي نزلت بعد هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة. تتألف هذه السورة من 129 آية، وتتميز بأنها السورة الوحيدة في القرآن الكريم التي لا تبدأ بالبسملة (بسم الله الرحمن الرحيم).


سورة : التوبة - At-Taubah  - الجزء : ( 11 )  -  الصفحة: ( 207 )
 



 لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ:
هذه العبارة تؤكد أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ليس غريبًا عن قومه. هو منهم، يعرفونه ويعرفون نسبه، وصدقه، وأمانته قبل أن يُبعث رسولاً."المزيد من التفسير" هذا الأمر يجعل رسالته أكثر تأثيرًا وقبولًا بينهم لأنه يأتي من وسطهم.
"من أنفسكم" أيضًا تحمل معنى عميق بأن الرسول هو بشري مثلهم، ليس بملك ولا كائن خارق، ما يجعله قدوة يمكن اتباعها واقتفاء أثرها.


عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ: 
"عزيز" هنا تعني شديد أو صعب، و"عنت" تعني المشقة والضرر. هذه العبارة تعني أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم يشق عليه ويؤلمه ما يصيب أمته من مشقة وتعب.
"المزيد من التفسير"هو لا يتحمل رؤية أتباعه يعانون أو يواجهون الصعاب، ويشعر بالمسؤولية الكبيرة تجاه تخفيف معاناتهم.


حَرِيصٌ عَلَيْكُم:
"حريص" تعني شديد الاهتمام. النبي صلى الله عليه وسلم يظهر حرصًا كبيرًا على هداية الناس ورشادهم، يبذل الجهد العظيم ليهديهم إلى الحق والخير، ويسعى دائمًا لمصلحتهم في الدنيا والآخرة.حرص النبي ليس فقط على تعليمهم الدين، بل أيضًا على رفاههم وسعادتهم بشكل عام.
 بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ:

صف النبي بأنه مليء بالرأفة والرحمة تجاه المؤمنين، فهو يعاملهم بلطف وشفقة، ويراعي حاجاتهم ومشاعرهم."المزيد من التفسير"هذه الآية تعكس عظمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم واهتمامه البالغ بأمته، وشفقته ورحمته التي تشمل كل مؤمن، وتؤكد على مكانته المتميزة ودوره الكبير كمرشد وقائد روحي. 



خلاصة:
الآية تبرز شخصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم كمثال أعلى للقائد الرحيم والأب الحاني الذي يهتم بكل فرد من أمته، يشعر بآلامهم، ويعمل على هدايتهم ورعايتهم بكل حب وشفقة. هذا الوصف يجسد مثالية النبي في تعامله مع الناس، ويؤكد على أهمية الاتباع والاقتداء به لتحقيق السعادة والنجاح في الدنيا والآخرة.


تفسير الآية كاملة بالتفاصيل:

"لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ":

"لَقَدْ": تعبير يستخدم للتأكيد، يُشدد على حقيقة ما سيأتي بعده، مما يضفي أهمية كبيرة على الرسالة.
"جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ":
"رَسُولٌ": هنا يشير إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مبعوثًا برسالة من الله تعالى.
"مِّنْ أَنفُسِكُمْ":يعنى من نفس جنسكم البشرى، من قومكم، يعرفون صدقه وأمانته ونسبه الشريف.
يشير أيضًا إلى قربه منهم ومعرفته بتقاليدهم ولغتهم، مما يجعل رسالته أقرب وأيسر للفهم والقبول.
"عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ":
"عَزِيزٌ": تعني هنا أنه شديد التأثر ويصعب عليه ما يواجهكم من مشقة ومعاناة.
"مَا عَنِتُّمْ":
"عَنِتُّمْ" تعني كل ما يصيبكم من مشقة وتعب وضرر.
هذا يبرز حساسية النبي محمد صلى الله عليه وسلم ومعاناته النفسية عندما يرى أمته تعاني أو تواجه الصعاب.
"حَرِيصٌ عَلَيْكُم":
"حَرِيصٌ": بمعنى شديد الحرص والرغبة. النبي محمد صلى الله عليه وسلم شديد الحرص على مصلحتكم وخيركم.
"عَلَيْكُم": أي على هدايتكم وإرشادكم وحمايتكم من الضلال والعذاب.
حرص النبي يتجلى في نصحه الدائم وتوجيهاته السديدة، وفي بذله كل الجهود لنشر رسالة الإسلام وهداية الناس إلى الطريق المستقيم.
"بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ":
"رَءُوفٌ": شديد الرأفة، والرفق، يعامل المؤمنين بلطف وتفهم، يتجاوز عن أخطائهم الصغيرة ويعاملهم باللين.
"رَّحِيمٌ": مليء بالرحمة، يشعر بمعاناتهم ويحاول دائماً تخفيف آلامهم وإيجاد حلول لمشاكلهم.
رؤوف رحيم هي صفات تجمع بين الشفقة العميقة والعطف العظيم، وهي تعني أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يحمل ضغينة ولا يعامل المؤمنين بقسوة بل بالعكس، هو دائماً يسعى لمساعدتهم وتوجيههم بلطف ومحبة.



تفاصيل إضافية عن سورة التوبة

سورة التوبة هي إحدى السور التي تحمل معاني ودلالات عميقة في السياق الإسلامي، ونظراً لأهميتها، سنستعرض مزيداً من التفاصيل حولها:

سبب نزول سورة التوبة:

نزلت سورة التوبة في ظروف خاصة، حيث كانت هناك حاجة لتوضيح مواقف المسلمين من المشركين والمنافقين بعد فتح مكة، وفي فترة التحضير لغزوة تبوك. وقد نزلت في السنة التاسعة للهجرة.

عدم البدء بالبسملة:

تُعد سورة التوبة السورة الوحيدة في القرآن التي لا تبدأ بالبسملة (بسم الله الرحمن الرحيم). وقد فسر العلماء هذا الأمر بعدة تفسيرات منها:

الدعوة للتوبة:
تدعو السورة المؤمنين للتوبة الصادقة والعودة إلى الله تعالى، وتوضح أن باب التوبة مفتوح دائماً للمؤمنين الصادقين. كما تتضمن السورة دعوة واضحة للتوبة من المنافقين أيضًا.

أحكام الجهاد:
توضح السورة أهمية الجهاد في سبيل الله وتحث المسلمين على التجهيز والاستعداد لمواجهة أعداء الإسلام. وتؤكد على أن الجهاد ليس فقط بالسيف بل أيضًا بالدعوة والإنفاق في سبيل الله.


غزوة تبوك:
تشير السورة إلى غزوة تبوك، وهي إحدى الغزوات الكبرى في تاريخ الإسلام، حيث توجه النبي محمد صلى الله عليه وسلم مع المسلمين لملاقاة الروم. وتتضمن السورة إشارات إلى تردد بعض المنافقين وتخلفهم عن هذه الغزوة.


المحور الأخلاقي والتربوي:
تُركز سورة التوبة على:

الإخلاص في العبادة والعمل: تدعو السورة المؤمنين إلى صدق النية وإخلاص العبادة والعمل لله وحده.
الصدق والشجاعة: تحث السورة المسلمين على التحلي بالصدق والشجاعة في مواجهة التحديات.
الوفاء بالعهد: توضح السورة أهمية الوفاء بالعهود والمواثيق في الإسلام.
التضحية والإنفاق في سبيل الله: تشجع السورة المسلمين على التضحية بأنفسهم وأموالهم في سبيل الله.

السياق التاريخي:

نزلت سورة التوبة في فترة حاسمة من تاريخ الإسلام، بعد أن ثبتت دولة المسلمين في المدينة وبدأت في التوسع والدفاع عن الإسلام ضد التهديدات الخارجية. كان هناك ضرورة لتوضيح الموقف الإسلامي من المشركين والمنافقين، والتأكيد على أهمية الجهاد والتضحية في سبيل الله.

الختام
تعد سورة التوبة من السور الغنية بالأحكام والتوجيهات التي تهدف إلى تنظيم المجتمع الإسلامي على أسس من الإيمان الصادق والوفاء والشجاعة. كما تبرز السورة أهمية التوبة والرجوع إلى الله في كل الأحوال، وتحث على التضحية والجهاد في سبيل الحفاظ على دين الله ونشره.



















*

إرسال تعليق (0)
أحدث أقدم

خالص بالاعلانات

الاعلانات